Tuesday 16 September 2008

سـيـد شـرف

" انت مراتك ست شريفة ومحترمة , وأكيد كل الهواجس والأفكار اللي في دماغك وسوسة شيطان " هذا ما قاله الصديق المخلص لصديق عمره " سيد شرف " بعد أن صارحه بما يجول في رأسه من أفكار حول سلوك زوجته إلا أن الصديق المخلص حاول من تهدئة سيد شرف وإبعاد تلك الأفكار عن عقله قائلا " معقول بعد الحب اللي استمر 4 سنين في الكلية وست سنين جواز تتهمها بالخيانة " فيرد سيد قائلا " أوعى تنسى أن آخر أربع سنين انا كنت مسافر وكنت بازورها شهر واحد في السنة " لكن الصديق المخلص يعقب قائلا " ياسيد يا خويا مش كل واحد سافر علشان يشتغل ويكون نفسه يرجع يشك في سلوك مراته " ولكن سيد شرف رمق الصديق المخلص بنظرة ذات معني فهمها الصديق المخلص علي الفور ثم علق قائلاً " مش كل الستات زي بعضها " 0
ثم شرد بفكره قليلاً وتذكر ما حدث له منذ عامين " كان عائداً من مأمورية عمل وكان قد أخبر زوجته أنه سيعود يوم الجمعة إلا أنه قد انجز عمله وعاد يوم الأربعاء وعندما دخل منزله كانت الصدمة حيث وجد زوجته عارية في أحضان ابن خالتها الذي كان متجرداً من ملابسه هو الأخر ، كانت الصدمة فوق طاقته وعلي الرغم من ذلك لم يتهور كما يحدث في الأفلام العربي الأبيض والأسود فأحضر سكيناً وذبح زوجته وعشيقها ، لم يفعل هذا لأنه كان يعلم أن زوجته لم تحبه أبداً بل كانت تحب ابن خالتها لذلك فقد طلقها حتى لا تكون الفضيحة ويصبح حديث الناس من أقارب وأصدقاء إلا أنه لم يستطع أن يخفى ما حدث علي سيد شرف "
وبينما تذكر الصديق المخلص هذه الحادثة , شرد ذهن سيد شرف في بعض المواقف التي حدثت بينه وبين زوجته بعد أن عاد من السفر , فكان كلما اختلى بها شعر أنها جسدا بلا روح وبلا شعور فكلما اراد ان ياخذها بين ذراعيه تهربت منه وادعت انها بذلت مجهودا كبيرا في عمل المنزل وفي المدرسة التي كانت تعمل بها حيث كانت مدرسة في احد المدارس الخاصة .
ظل هذا الشرود فترة طال فيها الصمت من الاثنين حتى قطع هذا الصمت صوت سيد شرف الذي بدا وكانه خارجا من كهف مظلم خاوي اوشك على الانهيار :" انا حاسس بالضياع والانهيار , شرفي ياصديقي , شرفي ضاع وعرضي بقى زى علبة سجاير فرط اى واحد يقدر يفتحها وياخد اللي عايزه . .... ياترى مراتى ضيعت شرفي مع مين ... انا باشك في كل الناس , ساعدني ياصديقي علشان اعرف مين اللي ... قاطعه الصديق المخلص قائلا : اسكت ياسيد واوعى تفكر بالشكل ده تاني . وعشان تستريح انا هاسعدك " ويستطرد قائلا " انا هاراقب مراتك مع اني واثق من برائتها وان مفيش حد مسها او مس شرفك ..... بس لازم تبعد عشان لو كانت بتخونك تقابل عشيقها بحرية وساعتها ابلغك مين هو اللي خلاك ضايع ومنهار "
سمع سيد شرف نصيحة صديقه المخلص وقرر السفر للاسكندرية لمدة اسبوع عند صديقه الثاني " محمد فهيم "
***************************************************
جلس سيد شرف في القطار المتجه الى الاسكندرية شاعر كانه ورقة من اوراق الشجر المتساقطة في الخريف بعد ان كانت خضراء يانعة ناضرة , اصبحت صفراء هشة لا حول لها ولا قوة .
لم يفارق سيد مشهد الخيانة , فكان يتخيل زوجته مع عشيقها ولانه لم يكن يعلم من هذا العشيق فكان يتخيلها مع كل شخص يعرفه سواء من الاقارب او الاصدقاء او الجيران او المعارف او من غير المعارف فكان يتخيلها حتى مع ذلك الرجل الجالس امامه في القطار .
اما الصديق المخلص فاستحوذت عليه امنيتان متناقضتان تماما فكان يتمنى ان تكون زوجة سيد شرف مخلصة ومحافظة على شرف زوجها حتى لا يفقد الثقة في النساء , اما الامنية الاخرى فكانت تتلخص في انه يريدها خائنة حتى يبرر الخيانة لزوجته , فكان يحدث نفسه قائلا " اذا كانت اللى بتحب جوزها وجوزها بيحبها طلعت خاينة يبقى اكيد اللى مش بتحبنى من حقها انها تخونى "
كان هذا هو حال كل من سيد شرف وصديقه الذى بدأ رحلة البحث عن الحقيقة .
***************************************************
بعد ثلاثة ايام من المراقبة لم يجد الصديق المخلص ما يدل على خيانة الزوجة , فهى تخرج من المنزل صباحا وتذهب إلى المدرسة ثم تخرج ومعها فتاة منتقبة يذهبان معا الى شقة الأخيرة وتجلس عندها حوالى ساعتين ثم لا تلبث ان تعود الى منزلها واحيانا تذهب لزيارة والديها او اخيها ولا يزورها ايضا سوى افراد عائلتها وتلك الفتاة المنتقبة
جلس الصديق المخلص يفكر ويحدث نفسه :
ـ هذه المرأة صالحة ومخلصة لزوجها
ـ بس في شئ غامض .... البنت المنتقبة ممكن تكون راجل
ـ ياعم الكلام ده في الافلام العربى وكمان المدرسة كلها طالبات يإما مدرسات
ـ يمكن بتقابل عشيقها في بيت الفتاة المنتقبة
ـ بس اهل البنت فين ؟
ـ يمكن يكون ابو البنت هو اللى ...
ـ استغر الله العظيم , البنت منتقبة يعنى اكيد من اسرة متدينة ومحترمة
ظل الصديق المخلص في هذه الحيرة حتى قرر ان يذهب ويسال عن تلك الفتاة , وبالفعل تأكدت مخاوفه بعد ان تحدث مع بواب العمارة التى تقطن بها الفتاة الذى قال " اسمها رحاب وسمعتها زى الزفت وكانت بتلبس استغفر الله العظيم ....والله كانت بتقلع اكتر مابتلبس "
وعندما ساله الصديق عما حدث بعد ذلك اجاب قائلا " ابدا ...ابوها وامها سافروا إعارة وعلشان يطمنو عليها اجبروها على ارتداء النقاب ... وهى دلوقتى عايشة مع جدتها والست اللى انت بتسال عليها دى مدرسة بتيجى تذاكرلها "
ظل الشك يلعب براس الصديق ولم يجد ما يقتل ذلك الشك سوى معرفة ما يحدث داخل منزل الفتاة .
**************************************************
بينما ترتطم الامواج العاتية بالصخور الضخمة , وقف سيد شرف مع صديقه " محمد فهيم " وقد اعترف له بما يساوره من شكوك حول زوجته الا ان محمد كان له راى اخر : " شرف ايه اللى انت بتدور عليه ياسيد , الشرف ده عامل زى مايكون بالونة منفوخة هوا ومجتمعنا نفخ فيها كتير اوى لدرجة انها فرقعت خلاص واصبح لا معنى ولا وجود لها ... اللى انت عايش فيه دلوقتى يعتبر بقايا البالونة اللى كنا بنسميها واحنا صغيرين ( زؤزيئة ) ..... ويستطرد قائلا : يعنى انت ياسيد طوال 4 سنين مالعبتش بديلك ؟
فيجيب سيد قائلا : فرضا انى لعبت بديلى , ايه المشكلة ؟
فيرد محمد قائلا : لا حول ولا قوة الا بالله , يعنى انت لما تعمل كده تبقى لسه شريف ولما مراتك تعمل نفس اللى انت بتعمله يبقى شرفك ضاع .... ده كلام فارغ.
فينظر سيد متعجبا : انا راجل ... إنما هى ست ولازم تحافظ على شرفي وعرضي
فيرد محمد : انا عمرى ماسمعت الكلام ده في اى ملة ولا اى ديانة سماوية , في حاجة اسمها " حد شرعي " والراجل والست متساويين في الحد ده , انما حضرتك تحلل لنفسك وتحرم على مراتك يبقى انت بتخترع دين جديد .
لم يلق هذا الكلام قبولا عند سيد شرف .... وقرر العودة الى القاهرة ليعرف ما وصل اليه صديقه المخلص .
***************************************************
تشير الساعة الى منتصف الليل وهاهو سيد قرر ان يواجه زوجته بما في رأسه , إلا ان الزوجة لم تستطع ان تتمالك نفسها فسالت الدموع على خديها قائلة في صوت يملاه الأسى والحزن : " هى دى اخرتها , بعد ما احافظ عليك وعلى شرفك تتهمنى بالخيانة , انا اللى صبرت 4 سنين ومنعت نفسي من الخطا وحافظت على جسمى من غير ما يلمسه راجل غيرك , بعد كل ده تتهمنى بالخيانة ..."
يقطع هذا الشجار والعتاب صوت التليفون ..... كان صوت الصديق المخلص يقطع سلوك التليفون مرورا بالسماعة ثم اذن سيد شرف الذى سمع صديقه وهو يقول : "انا عرفت الحقيقة ."
ـ قولى بسرعة مين اللى ....؟
ـ بصراحة ياسيد مش عارف اذا كان شرفك ضاع ولا لأ !
ـ يعنى ايه .. مش فاهم ... مراتى بتخونى ولا لأ ؟
ـ هى بتخونك بس مش مع واحد
ـ لم يفهم سيد ما يقصده الصديق وقال : يعنى بتخونى مع اكتر من واحد !!
ـ لا .... مش ده قصدى .... هى بتخونك بس مع واحدة ..... مع تلميذتها المنتقبة انت مراتك ...... مراتك...... !!!!
لم يستوعب سيد ما قيل ووقعت السماعة من يده وهو في حالة من الصدمة والذهول .... ثم نظر امامه فرأى زوجته والدموع لم تجف من على خديها .
ارتسم على وجه سيد شرف علامة استفهام وقبلها سؤال لم يعلم له جواب
" انا شرفي ضاع ولا لأ ولا مفيش حاجة اسمها شرف ؟ "
تمت

6 comments:

  1. جميله جدا!!! فعلا سؤال قوي و بدو إجابه

    ع فكره أنا قرأت معظم مواضيعك و عجبتني جدا

    تحياتي

    ReplyDelete
  2. ستتعجبين كثيرا لو أخبرتك أن معظم من قرأهذ القصة اتهمنى بالجنون وان لي افكار هدامة !!!!

    تحياتي وشكرا على مرورك الكريم

    ReplyDelete
  3. لن أستغرب

    لا من القصة ولا من رد الفعل على القصة

    أنا شخصيا لا أستغرب:) ولكن هذا واقع للأسف حتى وإن اخترنا أن لا نراه!!!

    ReplyDelete
  4. العزيز سما / تحياتى لك
    القصة رائعة وتلعب فى منطقة منسية فى منظومة قيمنا الزائفة وتتطرح تساؤلا عن مفهوم الشرف بمعناه الشرقى المقتصر على فكرة فض البكارة واجتماع الرجل والانثى . ومرة اخرة احييك على اختيارك لاسم بطل القصة
    فى انتظار جديدك
    احترامى ومودتى لك
    وحيد جهنم

    ReplyDelete
  5. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  6. الصديق العزيز وحيد , شكرا لمرورك الكريم
    وأتمنى من كل قلبي ان نتشارك في حوار حول تلك المناطق المنسية في منظومتنا الاجتماعية المتخربأة وما أكثر تلك المناطق .
    تحياتي

    ReplyDelete