Tuesday 16 September 2008

الـلـهــم انـــي صــــائــم

لم تكتمل خطوته التالية خارج منزله حتى وقف مندهشا مما رآه وتسائل أليس اليوم هو أول أيام رمضان ؟ إذن لماذا يجلس هؤلاء الرجال الأصحاء على" القهوة " يدخنون الشيشة , أليست الشيشة من مفطرات الصيام ؟! أم انهم ليسو من الصائمين ؟!! , ولم يعلم ما الذي عليه أن يفعله سوى أن يكمل طريقه إلى محطة الأتوبيس ليركب ذلك الأتوبيس العجيب حيث انه الأتوبيس الوحيد الذي يمر بتلك المنطقة الشعبية ليأخذه ويأخذ غيره من الطلاب إلى مدارسهم التي تقع في تلك المنطقة الراقية , ليس الطلاب فقط بل والموظفون أيضا , أو ليس شيئا عجيبا أن من يعملون في تلك المنطقة الراقية يسكن معظمهم في تلك المنطقة الشعبية الفقيرة.
مر ما يقرب من نصف ساعة ولم يأت الأتوبيس وبدا الضيق والغضب يعرف طريقه إلى كل من يقف منتظرا الأتوبيس وبدا الناس اقصد الصائمين يترجمون هذا الضيق والغضب إلى عبارات ليس من اللائق ان تخرج من افواه الصائمين , ووقف الطالب يستمع متعجبا
ـ هو يوم اسود باين من أوله .... اللهم أني صائم
ـ هو الأتوبيس ده ابن ......مؤرف ....اللهم اني صائم , هو الاتوبيس له أب !
ـ هايطلع عين ابونا النهارده .... اللهم اني صائم
وفجاة بدا الجميع للاستعداد وكانها اشارة لبدء حرب عالمية ثالثة , لقد شاهدو الاتوبيس وهو قادم من بعيد وعندما اقترب منهم كان الدليل والبرهان على ان من قال بنظرية " البقاء للاقوى " كان قد قالها بناء على هذا المشهد الذي تعجز الاقلام عن وصفه , على كل حال لقد وجد الطالب نفسه داخل الاتوبيس ولم يعلم متى واين وكيف حدث هذا , لقد كان الموقف عصيبا فليس هناك من احد يريد التاخر عن عمله او مدرسته لذلك فالاتوبيس من الداخل يبدو وكانه ساندويتش لحم بشري ومن كثرة الضغط بدا الحشو اقصد اللحم البشري في الخروج والظهور على جانبي الساندويتش اقصد الاتوبيس , وبالطبع ليس السكون هو الشئ السائد داخل الاتوبيس فلقد ازداد الغضب والضيق ولم يعد احد يتحمل احد اخر واصبح ابسط سبب يشعل مشاجرة ضخمة وتجد الناس اقصد الصائمين يتبادلون الشتائم والسب لبعضهم البعض بسبب وبدون سبب ولكن السبب معروف في جميع الاحوال فالناس تفقد اعصابها اثناء الصيام !!
وقف الطالب في منتصف الاتوبيس يرى ويستمع لما يحدث
ـ ياناس يابهايم , حرام عليكو بهدلتو الهدوم
ـ لو مش عاجبك اركب تاكسي
ـ وإنت ليه ماتبأش بني آدم
ـ ووسط هذا الزحام الشديد والشتائم المتطايرة من الافواه يقف شخص ما يقرا القران بصوت عالي وبهذا تجد مزيجا عجيبا وغريبا من الالفاظ في نفس الوقت فتجد من يشتم ومن يسب ومن يقرا القران . وفجاة يقف الاتوبيس مرة واحدة ونتيجة الفرملة الشديدة يقع الجميع فوق بعضهم البعض , رجال فوق نساء ونساء فوق رجال وطلاب تحت الرجال والنساء ...... وشخص ما يقرا القران . ثم يسمع الجميع السائق وهو يقول صائحا : انت ياحمار ياللي سايق ملاكي , مش تحاسب
ـويرد سائق المبلكي اللهم اني صائم , انا مش هارد على حيوان زيك
وفجأة ينفزع الجميع من صوت تلك الصرخة التي اطلقتها فتاه في أخر الأتوبيس: يا سافل حد يعمل كده في رمضان ؟!!! ثم تم إطلاق صرخة أخرى ولكن هذة المرة من شاب ,لقد بدأ الجميع في ضربه وكأنها فرصة لإخراج مشاعر الغضب والضيق
أما طالبنا فقد رأى الفتاة "إياها" قادمة تجاهه ولم يعلم ماذا يفعل ,لقد وقفت الفتاه أمامه و انتباه الفزع خوفا من ان يلقى نفس المصير فرضى بالأمر الواقع وظل يردد اللهم أني صائم .
وفي المدرسة ظل طوال اليوم يفكر في ما حدث هل فسد صومه أم لا ولم يجد ما يريحه من هذا التفكير حتى دخل مدرس الدين وهنا قفز ليسأله وأجابه قائلا:يابني إن ما يفسد الصوم شئ معروف أما أنت فلم تفعل ما يفسد صومك وهنا هدأ تفكيره.
وفي طريق العودة في نفس الأوتوبيس وجد الفتاه نفسها قادمة نحوه وهي تبتسم فلم يجد ما يفعله سوى أن يردد اللهم إنى صائم ....... اللهم إنى صائم ...... اللهم إني صائم .
تمت

2 comments:

  1. العزيز سما / تحياتى لك
    ولماذا لا يفترض بطل القصة ان من على القهوة ليسو مسلمين اصلا وهل انحصرت رؤيته فى القصة على فرض ان المجتمع كله مسلم ؟ هذا تساؤل لابد ان يسأله من يقرا القصة
    تحياتى
    وحيد جهنم

    ReplyDelete
  2. ملا حظة رائعة فاتتنى عند كتابة القصة ولكن لاني كنت افكر في ان كثيرا من المسلمين يفعلون ذلك وكان الغرض هو ابراز بعض سلوكياتنا اثناء الصيام

    تحياتى واحترامي

    ReplyDelete