Tuesday 16 September 2008


سـكـنـدهـانـد
كان من المفروض آن يكون اعظم يوم في حياته ، فلقد كان أول يوم له في العمل في المستشفى ولكنه لم يكن فرحا فهو لم يحب ابدا دراسة الطب ولا الاتحاق بتلك الكلية ولكنها كانت رغبة امه الدكتورة "قدرية" التي ارادت ان يصبح ابنها طبيبا مثلها ولم يستطع ساعتها ان يفعل شيئا سوى ان يردخ لرغبة امه التي اقنعته بان كلية الطب هى قسمته ونصيبه والا فلم قد منحه الله هذا المجموع الكبير في الثانوية العامةوبالطبع لم يستطع مجادلتها فهى تتحدث عن "المقدر والمكتوب" وارادة الله التي لا يستطيع احد ان يخالفها. على كل حال ،فات الاوان على مناقشة هذا الامر فهو الان طبيبا سواء رضى او ابى وقد عين مدير المستشفى الدكتورة "عفاف" كمشرفة عليه حتى يتعرف على جو العمل ويتقنه. وكان اللقاء الاول بينهما وعندما راها اصابه الذهول ، فعندما سمع اسمها لم يتخيل ابدا انها هى نفسها عفاف التي كانت تقطن الشقة المجاورة له منذ اكثر من 15 عاما وكانت تصطحبه الى مدرسته الابتدائية حيث كانت هى الاخرى في نفس المدرسة ولكنها كانت تكبره بثلاث سنوات، لم يتغير منها شيئا فابتسامتها البريئة ووجهها الملائكي كما هو ، لم يتغير اى شئ سوى ظهور علامات الانوثة التي زادتها جمالا فوق جمالها . لم يكن اعجابه بها مجرد اعجاب رجل بامراة جميلة ولكنه كان اعجابا من نوع اخر ، فعندما كان صغيرا لا يفقه شيئا عن العلاقة بين الرجل والمراة كان دائما يشعر بشئ عجيب يسري في اعماقه عندما يراها او يلمس يدها وكان يذهب الى امه وبراءة الاطفال في عينيه ويخبرها بانه يحب عفاف وسيتزوجها عندما يكبر دون ان يعلم للحب او للزواج معنى سوى انه سيعيش معها الى الابد. انه الحب العذري الطاهر الذي لا تشوبه اى غرائز او رغبات حيوانية، انه الحب القدري حيث ليس للانسان فيه اى اختيار.
ولكنه وللمرة الاولى في حياته سوف يختار شيئا بارادته دون ان يتدخل احد ، لقد اختار عفاف لتكون شريكة حياته رغم علمه برفض امه مقدما ولكن ما معنى الحياة اذا لم نكن نحن من نختار طريقنا فيها ، ما معنى الحياة اذا لم تكن ارادتنا هى التي توجهنا وتقودنا فيها ، فليس للحياة اى معنى اذا خضعنا لارادة اى شئ حتى ولو كان القدر، هذا اذا كان القدر يريدنا ان نخضع لارادته. ومن هنا كانت المواجهه
ـ الابن: امي... انا قررت اتجوز
ـالام: ده يوم المنى يابني... المهم تكون عرفت تنقي واحدة بنت حلال
ـ الابن: عروسة مافيش اجمل من كده ، صحيح انا ماشوفتش ملايكة قبل كدة بس اعتقد ان الملايكة مش هاتبقى اجمل منها.
ـ الام : الجمال مش مهم ، المهم الدين والاصل الطيب
ـ الابن : من الناحية دي اطمني ... فتبتسم الام وتقبل ابنها وهى تقول : الف مبروك ...
ولكن يتغير موقف الام عندما يعلمها ابنها ان العروسة هى عفاف التي تكبره بثلاث سنوات ثم يصل الامر الى مرحلة التصادم عندما يخبرها بانها مطلقة.
ـ الام: انسى عفاف دي خالص واياك تفكر فيها تاني ... يرد الابن بكل برود: ليه؟
ـ الام " تكاد تنفجرمن غضبها" : ازاى تتجوز واحدة سكندهاند وكمان اكبر منك في السن ؟ انت اول فرحتي ... البنت دي مش قسمتك وربنا مش كاتبهالك
ـ الابن "وهو يضحك ساخرا من مقولة امه" : ايه الكلام الفارغ ده ؟وانت عرفتي منين ان ربما مش كاتبهالي ؟ كل واحد هو اللي بيختار قسمته بايده ولو كان الوضع غير كدة يبقى انتي عرفتي انها مش قسمتي ازاى؟
ـالام: ازاى تقبل انك تتجوز واحدة لمسها راجل قبل منك؟
ـ يضحك الابن وهو يقول: اتجوز واحدة لمسها راجل في الحلال احسن ما يكون لمسها في الحرام.... تندهش الام من كلام ابنها وتساله: تقصد ايه بالكلام دة ؟
ـ يردالابن: اتجوز واحدة مطلقة وعارف انها شريفة احسن مااتجوز واحدة بنت بنوت عليها ختم العيادة بتاعتك يادكتورة...اوعي تفتكري اني نايم على وداني ومش عارف انتي بتعملي ايه في عيادتك يادكتورة... اصحي ...فوقي... انا عارف كل حاجة ولا عايزاني اتجوز بنت اختك اللي...
ـ تقاطع الام ابنها وهي تصرخ في وجهه : الزم حدودك معايا واياك تجيب سيرة بنت اختي ... روح اتجوز السكندهاند بتاعتك ، بس افتكر ان الرسول"ص" قال للصحابي "لم لم تتزوجها بكرا تداعبها وتداعبك". يضحك الابن ساخرا من امه قائلا: هو انتي لسه فاكرة الرسول بعد كل جرائمك، على العموم الرسول اتجوز السيدة خديجة وهى مطلقة واكبرمنه ب15 سنة
ـ ترد الام : بس انت مش الرسول ولا عفاف تبقى السيدة خديجة... فيرد الابن : ومفيش واحدة بنت بنوت زى السيدة عائشة.

تمت

2 comments:

  1. العزيز سما / تحياتى واحترامى لك
    اعجبنى اختيارك لاسم الام ( قدرية) بما يحمل من دلائل تعسفية لطغيان الفكر القدرى على الناس فى هذه الايام . قدرية من القدر ودائما تحمل خاتم القدر فى اصدار الفرمانات . اعجبنى ايضا تنويهك فى نهاية القصة عن موضوع تناقض الاقنعة وهو ما اسميه الفصام القيمى للمجتمع وهو حالة تجعلك تلعب على الحبلين بسلاسة شديدة وكل حبل منهما له مبرراته وله اسبابه المعروفة مما يجعل حالة الفصام ابدية لا يمكن مواجهتها ذاتيا .
    ولكن هناك ملحوظة صغيرة ارجو اولا ان تسمح لى بقولها وهى ان موقف الابن بالنسبة لامه جاء فى الرواية غير واقعيا فهو يواجهها بجرائمها ان جاز لنا استخدام هذا التعبير وبدون ان يتم التمهيد لهذه الجرائم فى القصة الابن هنا ف رد فعله الغير مناسب لتاريخ من الرضوخ اشبة بحالة انفجار لقنبلة بلا فتيل كنا نحتاج ان نرى الفتيل اولا كى يصير موقفه الرافض لامه مبررا بشكل كافى .
    احترامى لك
    وحيد جهنم

    ReplyDelete
  2. الصديق وحيد جهنم \ تحياتي
    تعلم بالطبع ان كتابة قصة قصيرة مغاير تماما لكتابة رواية وهذه التدوينة أقرب الى القصة القصيرة حيث المقصود منها هو مشهد المواجهة والتخلص من طغيان وسلطان القدر" الممثل في د\ قدرية" الذي يمنعك دائما من الشعور بحريتك وهذا هو ما كنت اقصده

    ReplyDelete