Sunday 7 December 2008

الغزو الوهابي
لا أتعجب كثيرا من حدوث كل هذه التحرشات الجنسية في شوارع القاهرة , فالمصريون منذ عهد الفراعنة وحتى الآن يقدسون الجنس ويفكرون فيه دائما ,بل ويحكمون على الأمور من منظور جنسي بحت وكأنهم تلاميذ نجباء لعم فرويد الذي كان يحلل كل شئ وكل سلوك من منظور جنسي ولكن ما يجعلني أتعجب " ولى الحق في أن أتعجب" ويصيبني بالذهول هو ادعاءنا نحن المصريين بأننا شعب خجول ومتدين ومتمسك بعاداته وتقاليده " اللي أنا مش عارف مين اللي وضعها وأقرها " وأنه لا يجب التحدث في هذا الامر لانه عيب وحرام ومايصحش .
طيب لو الحال كده يبقى ازاى يكون في تحرشات بالشكل ده وبالصورة البغيضة دى !!!!
وبعد بحث وفحص ومحص اكتشفت تلك المشكلة المعضلة التي يعانى منها المصريين . المشكلة لدى المصريين هو عدم فهمهم للدين واعتمادهم في الاساس على مشايخ بعينهم وضع المصريون ثقتهم فيهم وانساقوا ورائهم كالبهائم دون تفكير فيما يقوله هؤلاء المشايخ " واتفكر ليه هم بيقولوا حاجة غلط !!! دول بيكلموا في دين ربنا والمؤمن بجد هو اللى يسمع ويطيع كلام ربنا من غير تفكير ولا انت عند شك فى ان الدين هو الصح ولازم ناخدو زى ماهو وزى ماربنا عايز مش زى ما انت عايز "
هذه هى المشكلة الاساسية لدى المصريين , فهم كما يقدسون الجنس ويفكرون فيه معظم الوقت , فهم يقدسون رجال الدين بشكل مبالغ فيه وكأن رجل الدين ملاك نزل من السماء , وليس بشرا عاديا ينساق مثل غيره لمصلحته وافكاره وغرائزه أيضا . ليس عندى أدنى إعتراض على ما هو مكتوب داخل القوسين ولكن المشكلة أن الدين الاسلامي به كثير من المذاهب وسيصيبك الملل عنما تقوم بٍٍِِعد " 1ـ2ـ3ـ4" الاراءالمختلفة في مسألة واحدة داخل مذهب واحد , فما بالنا ببقية المذاهب والاراء , وهذه من مزايا الاسلام حيث الايمان والوجود الحقيقي للتعددية والرأى الاخر , ولكن لم يفهم المصريين كل هذا.
انساق المصريون للاسف الاسيف وراء مجموعة من المشايخ المحملين بالفكر الوهابى السلفي القادم من السعودية الذي يتصف من وجهة نظرى بالغشم والتخلف من ناحية وبالدهاء السياسي من ناحية أخرى , ولا يهمنى هنا التحدث عن السياسة ولكن ما يهمنى هو كيف أثر هذا الفكر في سلوكيات وتفكير المصريين على مدار ال 20 سنة الماضية , فهو من الاسباب الرئيسية " وليس السبب الوحيد " لتخلفنا عن العالم المتقدم المتحضر وذلك بسب أرائهم وطريقة تفكيرهم واهتماماتهم فتراهم مشغولين باللحية والنقاب وعذاب القبر وعدم وضع صورة في المنزل حتى تدخل الملائكة ويصبح البيت سعيدا " ولا اعلم ما هى الصلة بين البيت السعيد وبين وضع الصور ولا أعلم ما الاستفادة من دخول الملائكة الى المنزل !!"
انبهر المصريون بهذا الفكر لغياب دور الازهر " وهو المؤسسة الدينية الاهم فى العالم الاسلامي " ومن المفارقات الغريبة أن الازهر يختلف تماما مع الفكر الوهابي الذي أصبح سائدا في مصر ومع هذا لم يحرك ساكنا وطبعا ده له علاقة بالساسة والسياسة !!! , ولم لا ينبهر المصريون بهذا الفكر وهم يدعون التدين وتمسكهم بالدين ومن هنا كانت المشكلة , فأصبح من الطبيعى أن ترى شخصا من ذوى اللحى يأخذ الرشوة أو يتشاجر مع أحدهم فيسبه ويسب اللي جابوه فأصبح الامر تدين ظاهرى وشكلى وليس جوهري .
من المستحيل أن تجد أمثال هؤلاء المشايخ يتحدث عن العدل أو الحرية أو المساواة التى جاء الاسلام أساسا من أجلها والتى تعتبر الاساس لتقدم الامم , هم يتحدثون فقط عن تطبيق السنة المحمدية التى تتلخص في اللحية والجلباب القصير والنقاب للمرأة التى هى في الاساس عورة لا يصح الكشف عنها أو إظهارها , عن دخول الحمام بالقدم اليسرى وأشياء أخرى لا تثمن ولا تغنى من جوع , أما أن يتحدثو عن رفع الظلم وحق الناس في أن تعيش حياة كريمة دون تمييز وكيفية النهوض بالامة لتصبح قوية ومتقدمة فهو من رابع المستحيلات رغم أن هذا موجود أيضا في الدين وفي السنة النبوية , فتقدم الامة ياتي عن طريق التمسك بكتاب الله وسنة نبيه , ويتلخص هذا عندهم في الاشياء السالف ذكرها وهى أشياء ظاهرية غير مؤثرة فلا أعتقد أن الامة ستتقدم عندما ترتدي النساء النقاب ويطلق الرجال لحاهم ,وبهذا فإن هذه الامة لن يكتب لها التقدم طالما كان هذا هو الفكر السائد , فالامة لن تتقدم سوى برجوع العدل والايمان بالحرية والمساواة وكما قال بن تيمية الذي يعتبر شيخ الاسلام وأحد أهم مراجعهم " إن الله يقيم الدولة العادلة ولو كانت كافرة , ولا يقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة."
ولكن يبدوا أنهم لا يتحدثون سوى فيما يتفق مع فكرهم وأهدافهم !!

يتبع

3 comments:

  1. أوافق تماماً
    المشكلة ليست فى الدين
    المشكلة فى التمسك بمظاهر الدين وترك جوهره
    .........
    نعم ..المظاهر مطلوبة ..فكلٌ حر ..يطلق لحيته أو تلبس نقابها
    كلٌ حر
    ..لكن جوهر الدين ..المعاملة
    ........
    ورد فى الحديث الشريف .قوله عليه الصلاة والسلام
    (الدين المعاملة)
    أى جوهر الدين أو حقيقة الدين المعاملة
    .......
    ليست المشكلة فى الفكر الوهابى
    الإمام محمد بن عبد الوهاب
    عالم دين له كل إحترام
    المشكلة أن نحصر الدين فى الأمور الشكلية والمسائل الفقهية
    الدين منهاج حياة ..إطار عام للسياسة والإقتصاد
    رؤية كاملة لتفسير الكون
    مرجعية عامة للأدب والفن والعمل
    ...........
    أتعجب ممن يلتزمون بأفكار بشرية كالرأسمالية والوجودية والماركسية

    ويُنكرون من يلتزم بفكر أسماه إسلاميا

    ...
    دمت بخير

    ReplyDelete
  2. هذا هو ما أردت توصيله من خلال تدوينتى أن المشكلة تكمن في التمسك بمظاهر الدين وترك جوهره , ولكن ما أود بكل صدق التوصل اليه هو السبب الحقيقي الذي دفع المصريين الى مثل ذلك الاتجاه ؟
    وبكل صدق لم أجد سببا اخر غير انتشار المذهب الوهابي في مصر , وأحب أن اؤكد لك احترامي لكل رجال الدين ولجميع المذاهب الدينية" وهابية ـ سلفيةـسنيةـشيعية ـصوفية ـ الخ " ولكن ما أردت قوله هو أن الفكر الوهابي غير صالح للمجتمع المصري وقد يكون صالح في مجتمعات أخرى مثل السعودية على سبيل المثال .

    مشكور عزيزي على مرورك الكريم

    ReplyDelete
  3. هذا هو ما أردت توصيله من خلال تدوينتى أن المشكلة تكمن في التمسك بمظاهر الدين وترك جوهره , ولكن ما أود بكل صدق التوصل اليه هو السبب الحقيقي الذي دفع المصريين الى مثل ذلك الاتجاه ؟
    وبكل صدق لم أجد سببا اخر غير انتشار المذهب الوهابي في مصر , وأحب أن اؤكد لك احترامي لكل رجال الدين ولجميع المذاهب الدينية" وهابية ـ سلفيةـسنيةـشيعية ـصوفية ـ الخ " ولكن ما أردت قوله هو أن الفكر الوهابي غير صالح للمجتمع المصري وقد يكون صالح في مجتمعات أخرى مثل السعودية على سبيل المثال .

    مشكور عزيزي على مرورك الكريم

    ReplyDelete