Friday 13 February 2009

عمائم وبهائم 3

كنت جالسا كعادتي الأزلية أشاهد " التلفاز" وأتنقل بين القنوات الفضائية التي لا تعد ولا تحصى في عصر السماوات "المفتوحة" , ولا أخفيكم سرا أنى لست من متابعى القنوات الدينية , فدراستي الأزهرية أشبعتني من العلوم الدينية ولكن ليس معنى ذلك انى اصبحت العالم العلامة الحافظ الفهامة ولكن كل ما في الامر هو أنى أصبت بتخمة من كثرة العلوم الدينية التى درستها في الازهر , المهم انه اثناء تنقلى من قناة الى قناة إذ بي أمام قناة الناس , ولا أعلم ما الذى أتى بهذه القناة أمامى
"ربما القدر" ولكنى على غير العادة انتظرت قليلا لاستمع حيث أثار عنوان الحلقة اهتمامي , كان العنوان أسفل الشاشة " البيت المسلم السعيد " فجلست أستمع لعلى أصبح واحدا من ذوى البيوت السعيدة , ولكن وللاسف الاسيف خيب الشيخ " محمد حسين يعقوب" الذي لا أسمعه عادة ولا أنصح أحدا بسماعه ظنى حيث ظل حوالى النصف ساعة يتحدث عن المظهر الاول من مظاهر البيت المسلم السعيد ألا وهو عدم وضع الصور حتى يتسنى للملائكة الدخول وجلب السعادة معهم حيث ان من يضع اى صورة يحرم بيته من دخول الملائكة وبالتالي فهو يحرم نفسه أحد أهم اسباب جلب السعادة للمنزل . لن أتحدث عن حكم التصوير فهذا ليس موضوعي الان وانما السؤال الذي ألح في ذهنى هو: ما علاقة الملائكة بجلب السعادة ؟؟! ولماذا الاهتمام أساسا بفكرة دخول وخروج الملائكة من المنزل؟ !! أهناك من يعتقد أن جبريل سيهبط عليه بوحى جديد والصور المعلقة ستمنع دخوله ؟!!!
فى اعتقادى ليس هناك اى رابط بين السعادة وبين الملائكة , فالسعادة لها مسبباتها وبالطبع ليست الملائكة أحد هذه المسببات .
لم أكن على استعداد لاستماع المزيد من السفه والهبل عن البيت السعيد من منظور الشيخ الجليل فانتقلت الى قناة أخرى وإذ بي أمام قناة الشاشة التى تعرض برنامج د\ هبة قطب " كلام كبير" .
هل هى الصدفة أم كان ذلك من ترتيبات القدر , فهى الاخرى كانت تتحدث عن البيت السعيد ولكن من وجهة نظر مختلفة تماما عن كلام الشيخ الجليل , فهى كما تعلمون أستاذة الطب الجنسي والشرعي بجامعة القاهرة ولذلك فهى تتحدث عن أحد المسببات الرئيسية لجلب السعادة " من وجهة نظرها ونظرى طبعا " في أى بيت مسلما كان أو غير مسلم ,ألا وهى العلاقة الجنسية بين الزوجين . وهنا ألح السؤال في ذهنى ... لماذا لا يتحدث الشيخ الجليل وغيره من مشايخ الوهابية عن هذه المسألة الملحة والضرورية في حياة كل انسان ؟؟! هل تجاهل الاسلام مثل هذا الموضوع الهام أم أن العمائم هى التى قررت تجاهله ؟؟!!
ألم يتحدث الصحابة الكرام في هذا الشأن ؟؟ ألم يسألوا الرسول " ص" عن ضوابط هذه العلاقة وكيفيتها وآدابها ؟
بالبحث والتنقيب في كتب السلف الذين يتشدق بهم الوهابيون نكتشف أن السلف قد تحدثوا عن الأمر بشكل كبير وملحوظ, ولماذا لا يتحدثون فيه وقد جاء هذا الامر فى أطهر الكتب وأشرفها وأكثرها قدسية " بالنسبة لنا نحن المسلمون " ألا وهو القران الكريم . قد تكون صدمة لمن يقرأ الان عندما أخبره بأن الاسلام لم يتحدث فقط عن الجنس بل دخل الى صميم العلاقة حتى وصل الى ما يمكن أن تسميه بالاوضاع الجنسية وأيها أفضل وأيها أسوء !!
أرجوك لا تتعجب أو تندهش واقرأ معى تفسير الامام الحافظ بن كثير في قوله تعالى(نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (البقرة:223)
يقول :
قال ابو داود . حدثنا عبد العزيز بن يحي أبو الاصبغ قال حدثني محمد يعنى بن سلمة عن محمد بن اسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن بن عباس قال . إن ابن عمر قال ـ والله يغفر له ـ أوهم وانما كان هذا الحى من الانصار وهم أهل وثن مع هذا الحى من يهود وهم أهل كتاب وكانو يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانو يقتدون كثيرا من فعلهم وكان من امر اهل الكتاب أنهم لا يأتون النساء الا على حرف(على جنوبهن) وذلك أستر ما تكون المراة ( وكانت اليهود تقول : اذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول ) فكان هذا الحى من الانصار قد اخذوا بذلك من فعلهم . وكان هذا الحى من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا( شرح الرجل جاريته: اذا وطئها نائمة على قفاها) ويتلذذون بهن مقبلات مدبرات ومستلقيات , فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الانصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت انما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك والا فاجتنبني , فشرى امرهما( عظم وتفاقم) فبلغ رسول الله " ص" فأنزل الله " نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم أنى شئتم " أى مقبلات و مدبرات ومستلقيات .
وفى موضع آخر يقول :
جاء رجل الى ابن عباس وقال . كنت آتي أهلي في دبرها وسمعت قول الله " نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم أنى شئتم " فظننت أن ذلك حلال فقال . يالكع انما قوله "فأتو حرثكم أنى شئتم " قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في أقبالهن لا تعدوا ذلك الى غيره .

وفى تفسير القرطبى يقول في نفس الاية : روى النسائى عن ابى النضر انه قال لنافع مولى ابن عمر : قد أُكثر عليك القول ! انك تقول عن ابن عمر انه افتى بان يؤتى النساء في ادبارهن . قال نافع : لقد كذبوا على ! ولكن سأخبرك كيف كان الامر : ان ابن عمر عرض على المصحف يوما وانا عنده حتى بلغ " نساؤكم حرث لكم " قال نافع : هل تدرى ما أمر هذه الاية ؟ إنا كنا معشر قريش نجبي النساء ( اى منكبة على وجهها , تشبيها بهيئة السجود ) فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الانصار أردنا منهن ما كنا نريد من نسائنا , فآذهن وقد كرهن ذلك وأعظمنه , وكان نساء الانصار إنما يؤتين على جنوبهن , فأنزل الله سبحانه " نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم أنى شئتم ".

لا أعتقد أن الكلام يحتاج الى ابانة او توضيح فالكلام واضح وصريح ولكنه يحتاج الى تدبر وتفكير وتعلم , لا أقصد تعلم وتدبر في الامور الجنسية ولكن التدبر في الدروس المستفادة من هذا الموقف , حيث لا توجد أية من القران نزلت عبثا وانما كانت الاية تنزل في أمر جلل وعظيم.
ماأريد أن أقف عنده أوضحه هنا هو أنه لا علاقة بالحياء الذي هو شعبة من الايمان في التحدث في مثل هذا الامر والدليل على ذلك ما جاء في حديث البخارى من أن امرأة جاءت الى الرسول "ص" تسأله قائلة " إن الله لا يستحى من الحق , فهل على المرأة من غسل اذا احتلمت ؟ " . في بعض الرويات يقال أن السيدة عائشة كانت حاضرة وقالت " فضحت النساء " الا أن الرسول لم ينكر عليها سؤالاها بل أجاب عنه لان الله لا يستحى من الحق حتى ولو كان في الجنس !!
وبمناسبة هذا الحديث "الذي درسته في الازهر الشريف" فإن الامر لم يتوقف عند هذا الحد ولكن السيدة عائشة سألت " أوتحتلم المرأة ؟ فقال الرسول "ص" : فبم يشبهها ولدها . وفي شرح هذه العبارة يتطرق الشارح الى وصف ماء الرجل " المنى " واصفا اياه بأنه أبيض غليظ بينما ماء المرأة أصفر رقيق وأيهما سبق يكون الشبه .


أما في كتابه الرائع " زاد المعاد في هدى خير العباد " فيقدم لنا الامام ابن قيم الجوزية بابا تحت عنوان : هدى النبي ص في النكاح فيقول :

وأما الجماع والباه فكان هديه فيه اكمل هدى يحفظ به الصحة ويتم به اللذة وسرور النفس ويحصل به مقاصده التى وضع لاجلها وهى حفظ النسل ودوام النوع ـ واخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بحملة البدن ـ و قضاء الوطر ونيل اللذة والتمتع بالنعمة .
وقال بعض السلف ينبغي للرجل ان يتعاهد من نفسه ثلاثا , ينبغي ان لا يدع المشى وينبغي ان لا يدع الاكل وينبغي ان لا يدع الجماع فان البئر اذا لم ينزح ذهب ماؤها .
وقال محمد بن زكريا من ترك الجماع مدة طويلة ضعفت قوى اعصابه واستد مجاريها وتقلص ذكره , قال ورأيت جماعة تركوه لنوع من التنشيف فبردت ابدانهم وعسرت حركاتهم ووقعت عليهم كآبة بلا سبب وقلت شهوتهم وهضمهم .


ومما ينبغي تقديمه على الجماع ملاعبة المرأة وتقبيلها ومص لسانها , وقد روى ابو داود في سننه انه صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة ويمص لسانها ويذكر عن جابر بن عبد الله قال نهى النبى "ص" عن المواقعة قبل الملاعبة


وانفع الجماع ما حصل بعد الهضم وعند اعتدال البدن في حره وبرده ويبوسته ورطوبته وخلائه وامتلائه ... , وينبغى ان يجامع اذا اشتدت الشهوات وحصل الانتشار التام الذي ليس عن تكلف ولا فكر في صورة ولا نظر متتابع ولا ينبغي ان يستدعى شهوة الجماع ويتكلفها ويحمل نفسه عليها وليبادر اليه اذا هاجت به كثرة المنى واشتد شبقه وليحذر جماع العجوز والصغيرة التى لا يوطأ مثلها والتى لا شهوة لها والمريضة والقبيحة المنظر والبغيضة , فوطء هؤلاء يوهن القوى ويضعف الجماع .

وأردأ أشكاله (أى الجماع أو النكاح أو الوطء) أن تعلو المرأة الرجل ويجامعها على ظهره .... , وفيه من المفاسد أن المنى يتعسر خروجه كله فربما بقي في العضو منه بقيه فيتعفن ويفسد ويضر , وايضا فان الرحم لا يتمكن من الاشتمال على الماء واجتماعه فيه وانضمامه عليه لتخليق الولد .

أعتقد أن هذه المقتطفات من كتاب واحد من أهم علماء السلف كافيه للرد على من يقولون أن الكلام في مثل تلك الامور يثير الشهوة والافضل هو عدم التحدث في مثل تلك الامور .
المشكلة بالفعل هى العدوى الفكرية التى أصابتنا من حملة الفكر الوهابي وأصابتنا بالازدواجية والتناقض فأصبحنا نفكر في الامور الجنسية وفى نفس الوقت لا نريد التحدث عنها من باب العفة والحياء واننا شعب متدين مع ان الدين تحدث في هذا الامر كما أوضحت .

والسؤال الذي يلح على الان هو : ياترى ياهل ترى ممكن حد من العمائم اياها يتكلم في الجنس زى ما هو موجود في أمهات الكتب ولا ايه ؟؟!َ!







2 comments:

  1. يا رب التعليق ينزل بقى
    العزيز السماء المجنونة / تحياتى لك

    مرة اخرى نحاول ولعل وعسى ينزل هذا التعليق الجملى . والنبى يا عزيزى ما تقول الشيوخ يتكلمو عن الجنس . يا شيخ سايق عليك النبى ما تدعو لكده لانه ببساطة هانقطع الخلف وتطير متعة من المفروض انها تكون سنة الله على الارض ونقعد زى الولايا فى البيت نستنى الشيخ الفلانى ولا العلامة العلانى يدينا محاضرة فى ان الزوجة يجب ان تطيع زوجها وخصوصا فى موضوع الجنس ده وان لو الزوجة واقفة على التنور ومزاج البيه جوزها ضرب يبقى وجب عليها تهرع وتسرع وتلبى نداء زوجها اللى مش قادر يستنى ,, وسحقا للمزاج والراحة النفسية ولتخبط المرأة راسها فى اكبر عمود خرسانة مسلحة فى بيتها تلبية لزوجها ومزاجه
    ارى ان المنطقة التى تتحدث فيها يا عزيزى وعرة وكلها مطبات غير اليفة من النوع اللى يبوظ عفشة العربية فى يوم ونص
    لماذا تنادى بهذا يا عزيزى وما الداعى هل هناك فقر معلوماتى فى هذا الشأن ؟ هل تريد الشيوخ مثلا يطلعو علينا فى الفضائيات اللى خنقتك وموتتنى خنقا قبلك ويقولو ان ناكح يديه يوم القيامة هيلاقى ايديه حامل فى الشهر التاسع . دون اى اعتبار الى ان شباب اليوم يقعون تحت ضغط جنسى كبير من كافة وسائل الاعلام وفى الشوارع وخصوصا بعد تأخر سن الزواج فى ظل ازمة اقتصادية منيلة بستين نيلة ؟ ترى هل نحن فى حاجة الى معلومات عن كيفية معاشرة زوجاتنا من شيوخ يتحدثون بنفس لغة ناس ماتو منذ اكثر من الف عام
    اعتذر من حدة كلامى
    تحياتى ومودتى واحتراماتى لك يا صديقى العزيز وارجو منك ان يكون هناك مداخلة فى هذا الموضوع عن قريب
    وحيد جهنم .

    ReplyDelete
  2. العزيز وحيد جهنم
    قبل كل شئ فأنا " من غير ما أعوذ بالله من كلمة أنا " ممتن وسعيد بهذا الاهتمام وأشكرك على محاولاتك
    الباسلة لكتابة هذا التعليق

    احب أن أوضح لك أمرا هاما ياصديقي ألا وهو

    عنما شرعت في كتابة هذه التدوينة كان هناك فكرتين اساسيتين اريد توضيحهما

    الاولى : أن الجنس ليس من المحرمات وليس من الامور التى لا ينبغى التحدث فيها كما يعتقد الكثيرين ولكنه من الاشياء التي ينبغى التحدث فيها وليس كما يقول الكثيرين " خصوصا اخواننا البعدا"حيث يقولون ان كل مايثير الشهوات فهو حرام وعليه فان الجنس من المحرمات ولكن الامر غير ذلك فلقد ذكره القران وفسره الائمة وخاض الصحابة الكرام في هذا الامر بغير حرج


    الامر الثاني هو اثبات ان الحديث عن الجنس لا ينافي فكرة الحياء بدليل المرأة التى قالت ان الله لا يستحى من الحق

    وبالطبع لم يكن الغرض من هذه التدوينة ان ننتظر المشايخ ليعلمونا كيف نجامع زوجاتنا
    واذا كان الامر سيكون كما ذكرت في تعليقك ف انا على استعداد تام لتحمل المسؤلية كلها

    فكل ما اردت اثباته لنفسي اولا ان الحديث عن الامور الجنسية مباح اما كيفية الحديث عن هذا الشان فهو شان من سيتحدث" وكل واحد حر " فاذا اراد ان يتحدث بلغة العصر فهو حر واذا اراد ان يتحدث بفكر القدامى فهذا شانه , المهم المبدأ نفسه وليس الطريقة
    اشكرك مرة اخرى ع الاهتمام وفى انتظار ردك

    ReplyDelete